المستشار. د/ نزيه الحكيم ل (مصر الان )يوضح الفرق بين إلغاء الانتخابات وإلغاء النتيجة لاستحقاق 2025 ؟
قال المستشار. د/ نزيه الحكيم في تصريحات صحفية ل (مصر الان)فى لحظة فارقة من تاريخ الحياة السياسية المصرية، وجدنا أنفسنا أمام مشهد غير مسبوق: دوائر أُلغيت بالكامل، وأخرى طُعِن فى نتائجها، ومرشحون يتساءلون عن مستقبل استحقاقٍ أصبح أكثر ضبابية من أي وقت مضى.
واضاف انه وبينما يتجادل الجميع حول التفاصيل، يبقى السؤال الجوهري:
هل ما حدث هو إلغاء للانتخابات… أم إلغاء لنتائجها؟
وما أثر كل منهما على شرعية البرلمان القادم؟
هذا السؤال ليس ترفًا قانونيًا، بل مفتاح لفهم ما يجرى الآن، وما قد يطرأ غدًا.
أولًا: إلغاء الانتخابات… هدم الأساس من جذوره
إلغاء الانتخابات لا يعني إسقاط فوز مرشح أو إعادة الانتخابات فى لجنه أو دائره
إلغاء الانتخابات يعنى كلمة واحدة:
الاستحقاق لم يولد أصلًا.
واشار الى أن ذلك يحدث عندما تتعرض العملية الانتخابية لاختلالات جوهرية تهزّ بنية الاستحقاق من أساسه:
انعدام تكافؤ الفرص، تعذر عمل اللجان في أغلب المراكز، أو وقوع تدخلات أو أخطاء جسيمة أفسدت الإرادة الشعبية قبل أن تتشكل.
واردف أن إلغاء الانتخابات هنا يشبه هدم المبنى بالكامل قبل أن يكتمل بناؤه، لأنه أساسًا شُيّد على أرض غير مستوية.
وفى هذه الحالة، المقعد يظل شاغرًا، والعملية تُعاد بالكامل، والهيئة الوطنية لا تملك فقط إعادة الاقتراع… بل إعادة المشهد من بدايته.
ثانيًا: إلغاء النتيجة… إصلاح سقف البيت لا هدمه
ينطبق على حالات وجود اخطاء فى الفرز أو عيوب موضعية داخل عملية الاقتراع، لكنها لم تُفسد البناء الأساسي للعملية.
هنا، يتم إلغاء النتيجــة فقط، لا الانتخــابات.
ويترتب على ذلك:
إعادة الاقتراع فى لجان محددة
أو إعادة فرز
أو إعادة العملية على مستوى دائرة واحدة فقط
لكن شرعية الاستحقاق تبقى قائمة، ويظل الإطار القانوني سليماً.
إلغاء النتيجة أقل خطورة بكثير، وهو إجراء إصلاحي أكثر منه هدمًا.
ماذا حدث فى انتخابات 2025؟
الذى جرى لا يمكن وصفه بأنه “طعن تقليدى” على نتائج.
نحن أمام:
١٩ دائرة أُلغيت
٧ محافظات متضررة
أكثر من ١.٥ مليون صوت لم يُحتسب
وقرارات مفاجئة أربكت المشهد السياسى على مستوى الجمهورية
هذا الحجم من الإلغاء لا يقع تحت “إلغاء نتيجة”…
بل أقرب ما يكون إلى إلغاء انتخابات على نطاق واسع، لأن العيب لم يطل مرشحًا واحدًا أو نتيجة واحدة، بل مسّ جوهر العملية الانتخابية فى عدد كبير من الدوائر.
ولذلك أصبح السؤال مشروعًا:
هل يمكن أن يكتسب البرلمان القادم مشروعية رغم كل الذى حدث من عيوب جوهريه فى كافة اركان الاستحقاق؟
الأثر الأخطر: البرلمان نفسه أصبح محل نقاش
فى القانون الدستورى، عندما تُلغى الانتخابات فى عدد كبير من الدوائر—خصوصًا الفردية—فهذا يعنى أن:
الخريطة التمثيلية لم تكتمل
الإرادة الانتخابية لم تُستكمل
المجلس لا يمكنه دستورياً ممارسة أعماله بكامل الشرعية قبل استيفاء شرعيته الدستوريه والقانونيه
وبالتالى فإن أي انعقاد، أو تشريع، أو قرارات مصيرية قد يصدرها البرلمان الجديد…
يظل محاطًا بسؤال دستوري خطير:
هل صدر من مجلس كامل؟ أم من مجلس منقوص؟ وهل يكفى ان يكتمل عدده دون اكتمال شرعيته؟
أزمة ثقة… قبل أن تكون أزمة قانون
الشعب الآن لا يشغله المصطلح: إلغاء انتخابات أم إلغاء نتيجة.
الشعب يسأل: لماذا حدث ما حدث؟
وكيف وصلت الأخطاء إلى هذا الحجم؟
ومن يتحمل مسؤولية ملايين الأصوات التى ضاعت؟
ولماذا لم تقف هذه المشكلات في الجولة الثانيه بعد توجيه السيد رئيس الجمهوريه؟
ولماذا تُرِك المواطن ليصطدم بالواقع فجأة ودون تفسير؟
هذه ليست أسئلة سياسية، بل أسئلة مشروعية…
أسئلة دولة.
إلى أين من هنا؟
منطق الأمور يقول إن الحل لا يكون فى:
تجاهل الأزمة
أو الاكتفاء بتبريرات
أو السير نحو برلمان ناقص الشرعيه
الحلول تكون فى:
1. إعلان تقرير تفصيلي شفاف يوضح ما الذي جرى بالتحديد
2. إعادة الانتخابات كامله وتحديد موعد زمنى ونقل سلطة التشريع لرئيس الجمهورية طبقآ للدستور
3. إحالة كل مسؤول عن الخلل للتحقيق مهما كان منصبه
4. فتح باب رقابة أكبر من المجتمع المدني ووسائل الإعلام
5. تأكيد أن شرعية البرلمان ليست ورقة… بل ممارسة وثقة وتكافؤ فرص
خاتمة
الفارق بين إلغاء الانتخابات وإلغاء النتيجة…
ليس مسألة قانونية ضيقة كما يظن البعض.
بل هو الفرق بين عملية أصابتها الشوائب…
وعملية سقطت شرعيتها منذ البداية.
والمشهد الحالى—بما فيه من ارتباك غير مسبوق—ليس أقرب إلى التصحيح البسيط، بل إلى إعادة النظر فى مسارٍ كامل.
إن الدولة التى تريد برلمانًا قويًا، لا تبدأ خطواتها بالتعثر، ولا تُبنى شرعيتها على أرض ارتجّت تحت أقدام الناخبين.
وأيًا كان الطريق الذى ستسلكه الجهات المختصة…
يبقى السؤال الشعبي الكبير معلقًا فى الهواء:
كيف نضمن ألا يتكرر هذا المشهد مرة أخرى وكيف نضمن برلمان جاء بإرادة شعبيه؟




